كتاب (מדינת היהודים دولة اليهود)، تأليف: تيودور هرتسل (هرتزل)
عدد مشاهدات الموضوع:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام
على من لا نبي بعده، وبعد:
نشارك حضراتكم اليوم أحد الكتب
المهمة في الصهيونية؛ ألا وهو كتاب "دولة اليهود מדינת היהודים"، تأليف: تيودور هرتسل.
المؤلف
في سطور
ولد هرتسل في بودابست عام 1860م
لأب ثري قدم لابنه الدعم المالي والمعنوي في كافة نشاطاته. وتلقى هرتسل تربية
وتنشئة ألمانية من جهة والدته، وتعلم في مدرسة تابعة للجالية اليهودية. أظهر
اهتمامًا للمواضيع العلمية بشكل ملفت للانتباه، ولكنه كان ميالًا إلى الأدب
والكتابة. هاجرت أسرته من بودابست واستقرت في فيينا في النمسا، وكان له من العمر
ثمانية عشر عامًا، وإثر وفاة شقيقته والتي تركت أثرًا فيه، التحق بكلية الحقوق
ونال الدكتوراه في القانون، وأخذ يعمل في المرافعات في إحدى محاكم النمسا، إلا أنه
أُصيب بالملل، فقدم استقالته وحمل قلمه وشرع بالكتابة الصحافية كمراسل لإحدى الصحف
النمساوية في باريس. دخل عالم السياسة من بابه الواسع فالتقى الشخصيات البارزة
التي كانت تلعب أدوارها السياسية وأقام معها علاقات ودية، بحكم مهنته الصحافية.
والملاحظ بشكل واضح أنه خلال
نشاطه الصحافي في باريس ولمدة أربع سنوات كان بعيدًا عن القضايا والشؤون اليهودية،
وأكثر من ذلك لم يُظهر اهتمامًا بها على الاطلاق، ولكن التحول حصل عندما وقعت قضية
الضابط الفرنسي درايفوس عام 1894م.
هذه القضية أثرّت في مواقفه السياسية والفكرية بشكل واضح للغاية عبر عنها من خلال
كتاباته وتحركاته السياسية.
أمّا درايفوس هذا فكان ضابطًا في الجيش الفرنسي
وهو يهودي المذهب، واتهم بنقل أسرار حربية إلى الألمان، فحوكم بنزع رتبه العسكرية
وإهانته وسجنه. فكتب هرتسل: (طموح الأغلبية الساحقة في فرنسا إبادة وقتل اليهود من
خلال درايفوس، وأين؟ هنا في فرنسا الجمهورية والمتحضرة، مئة عام بعد الإعلان
عن حقوق الإنسان).
ومن هذا الباب أصبح هرتسل أكثر
اطلاعًا ومعرفة بما يسمونه "المشكلة اليهودية" وانتشار مظاهر ما
يسمونه خطأ "اللاسامية" في أوروبا، وهذا الوضع دفعه إلى القيام بسلسلة
من اللقاءات مع زعماء اليهود لإيجاد حلول مناسبة ومخارج للمشكلة اليهودية. فكان
لقاؤه عام 1895م مع البارون هيرش، ولم يتمخض هذا اللقاء عن فائدة. والتقى مع أحد
أفراد عائلة روتشيلد والنتيجة مشابهة. ولم يُصب هرتسل بيأس فتابع لقاءاته مع
الزعماء اليهود في لندن، ولكن تجاوبهم كان باردًا.
وقام هرتسل بنشر كتابه (دولة
اليهود) في فيينا عام 1896م، الذي أحدث ضجة كبيرة وجدلًا واسعًا في الأوساط
اليهودية، وهنا نجح هرتسل في إثارة عدة تيارات وأفراد أخذوا بالانضمام إليه وقدموا
له الدعم اللازم في سبيل عقد أول مؤتمر صهيوني في بازل، وهو المؤتمر الذي رسم مصير
القضية اليهودية.
وأعلن هرتسل قبل انعقاد المؤتمر
الصهيوني الأول عن رغبته في امتلاك فلسطين بواسطة شرعية دولية، فأجرى سلسلة من
اللقاءات مع بعض الشخصيات السياسية في عدد من الدول التي اعتقد أنها مركزية ولها
دور في صياغة العالم وتشكيله. فالتقى مع مستشار القيصر الألماني الذي أظهر تعاطفًا
مع مواقف هرتسل وتطلعاته، وتحول إلى صديق حميم له. وكان لـ "هرتسل" لقاء
مع الصدر الأعظم العثماني في العاصمة العثمانية إسطنبول، وطلب منه السماح لاستيطان
يهودي في فلسطين تحت رعاية الدولة العثمانية. ونقل الصدر الأعظم تلميحًا من
السلطان بأنه على استعداد لدراسة هذا الطلب إذا دبر هرتسل مبلغًا من المال يصل إلى
مليوني جنيه استرليني، ونجح هرتسل في جذب عدد من أغنياء اليهود في لندن لمساعدته
في توفير هذا المبلغ إلا أن معارضة شديدة حصلت في بعض الأوساط اليهودية التي خافت
على مصالحها ومنجزاتها في بريطانيا نتيجة هذه التحركات التي يقوم بها هرتسل.
ورغم هذا الوضع فإن هرتسل قرر
البدء بالتحضير لعقد مؤتمر عام وعالمي لليهود يجري فيه البحث في أهم وأكبر القضايا
التي يواجهها اليهود في العالم.
وافتتح المؤتمر الصهيوني الأول في
بازل في سويسرا في 29 أغسطس 1897م بحضور 197 مندوبًا عن الجاليات اليهودية، ودعا
هرتسل رجال السياسة والصحافة وألقى خطابًا مطولًا شدّد فيه على ضرورة التفاوض من
أجل تحقيق المطالب اليهودية. وأعلن أن شكل الاستيطان القائم في فلسطين غير عملي
على وجه الإطلاق، وعرض مشروعاً على المؤتمرين عُرف بـ (مشروع بازل).
أما بقية حياة هرتسل فيمكن
تقسيمها إلى مرحلتين: الأولى من بازل وحتى عام 1901م، والثانية من 1902م وحتى 1904م.
ففي المرحلة الأولى ركّز جهوده
على الالتقاء مع الزعماء السياسيين في العالم بشكل مباشر ودون وسطاء، ووجه عنايته
إلى التقاء القيصر الألماني "فيلهلم الثاني" والسلطان العثماني "عبد
الحميد الثاني" مستفيدًا من التقارب السياسي والعسكري والاقتصادي العثماني –
الألماني. وكان اعتقاد هرتسل أن حلّ "المشكلة اليهودية" يمر عن طريق
هذين الزعيمين. وانتهز هرتسل فرصة إعلان القيصر الألماني "فيلهلم الثاني"
عن نيته زيارة العاصمة العثمانية اسطنبول والأرض المقدسة في فلسطين، فقام مستشار
القيصر وصديق هرتسل بترتيب لقاء له مع القيصر في اسطنبول. وطلب هرتسل في لقائه مع
القيصر أن يجلب له امتيازًا من السلطان العثماني يُجيز لليهود الاستيطان في فلسطين
وإقامة حكم ذاتي فيها تحت إشراف الماني.
أظهر القيصر تعاطفًا مع فكرة
هرتسل وحدد لقاء مجددًا بينهما في فلسطين في مستوطنة (مكفيه يسرائيل) ثم في القدس؛
حيث قدم هرتسل ومؤيدوه مشروعًا مفصلًا للقيصر الألماني، الذي قدم بدوره جوابًا بأن
الأمر يحتاج إلى مزيد من الدراسة والتحقيق. والواقع أن القيصر لم يرفض ما قدمه
هرتسل، ولذلك لم يُصب هرتسل باليأس.
ولكن هرتسل أُصيب بنوع من خيبة
الأمل من موقف السلطان العثماني "عبد الحميد الثاني" وجوابه؛ حيث رفض أي
مطلب صهيوني من هرتسل وغيره.
ورغم هذا الجواب فإن هرتسل –بعد
سلسلة من الجهود ودفع الرشاوى– نجح في عام 1901م في أن يلتقي بالسلطان العثماني "عبد
الحميد الثاني"، حيث طلب منه منحه امتيازًا يسمح لليهود بالهجرة والاستيطان
في فلسطين، وألمح السلطان عن حاجته لسدّ عجز خزينة سلطنته. وفهم هرتسل التلميح
فتوجه إلى أثرياء اليهود الذين خيبوا آماله، فكتب عن هذا الموقف بمرارة: (سيقفون
على قبورهم ويبصقون بعد خمسين عامًا عندما يعرفون أني كنت على وشك الاتفاق مع
السلطان، ولكني لم أنجح لعدم تمكني من تحصيل المال الحقير).
وتابع هرتسل مساعيه لدى السلطات
العثمانية، واستُدعي بعد تسعة أشهر إلى إسطنبول؛ حيث قام بإجراء سلسلة من
المباحثات مع السلطان وكان اقتراح الصدر الأعظم أن يدفع اليهود ديون السلطنة مقابل
نيلهم امتيازًا لاستغلال مناجم في الدولة العثمانية، وأن يسمح لليهود في الاستيطان
في كل مكان من السلطنة العثمانية ما عدا فلسطين.
أما المرحلة الثانية فتمثلت
بتوجهه إلى بريطانيا في أعقاب فشل كل محاولاته مع ألمانيا وتركيا. وكان هدفه من هذا
التوجه الحصول على امتياز من بريطانيا لتوطين اليهود في قبرص أو شبه جزيرة سيناء
بشكل مؤقت، ريثما تُحل القضية اليهودية جذريًّا، فوافق وزير المستعمرات البريطاني "تشمبرلين"
على توطين اليهود في منطقة العريش شمال سيناء. ولقد قوبل هذا الاقتراح بموافقة
واسعة وكبيرة من الأوساط الصهيونية لأن
العريش قريبة من فلسطين، إلا أن هذا الاقتراح وضع جانبًا بسبب التقرير السلبي الذي
قدمته لجنة مختصة أرسلها المؤتمر الصهيوني لفحص الموقع، فتبين لها أن مسألة تزويد
العريش بالمياه ستقف حاجزًا أمام تحقيق هذا المشروع.
وهنا تقدم "تشمبرلين"
وأعلن عن مشروع جديد وهو منح اليهود أوغندا في أفريقيا لإقامة مستعمرة يهودية تكون
تابعة للتاج البريطاني مع توفير امتيازات حكم ذاتي. وعارض هرتسل بنفسه المشروع في
البداية، إلا أن اضطرابات كيشنييف عام 1903م دفعته إلى قبول المشروع واصفًا إياه
بأنه (ملجأ ليلي).
وعرض هرتسل هذا المشروع على
المؤتمر الصهيوني السادس عام 1903م، فانقسم المؤتمرون إلى معارضين ومؤيدين. أمّا
المعارضون فقد أطلقوا على أنفسهم (صهيونيو صهيون)، وانفصلوا عن المؤتمر واجتمعوا
في قاعة جانبية وأخذوا يبكون خراب أورشليم وفقدان الأمل بالخلاص. عندها أرسل هرتسل
تجديد جلسات المؤتمر ووقف مخاطبًا الحضور معلنا تنازله عن المشروع بقوله: (إذا
نسيتك يا اورشليم فلتنسني يميني).
ومات هرتسل عام 1904 إثر نوبة
قلبية ودفن في فيينا، ونقل رفاته ليدفن في القدس عام 1949م.
ألف هرتسل سلسلة من الكتب منها المسرحيات
والروايات والمقالات والأبحاث، ومن أشهرها (دولة اليهود)، و(ألت نويلاند) (الأرض
القديمة – الجديدة).
ويعتبر هرتسل واضع الأُسس
العقائدية للحركة الصهيونية، وصاحب نبوءة قيام دولة اليهود بعد خمسين عامًا من انعقاد
المؤتمر الصهيوني الأول في بازل، وهو الذي نجح في جعل القضية اليهودية دولية
وسياسية غير محصورة في إطار ديني.
أُطلق اسمه على شوارع كثيرة في
المدن المركزية داخل الكيان الصهيوني، وكذلك على بعض المؤسسات التعليمية والتربوية.
-
نقلاً عن: معجم الأعلام والمصطلحات الصهيونية والإسرائيلية، ص 495.
لتنزيل
كتاب "دولة اليهود מדינת היהודים" باللغة العبرية
يُرجى
الضغط على الرابط التالي
دولة
اليهود מדינת היהודים
لتنزيل كتاب "الدولة اليهودية" باللغة العربية
لتنزيل كتاب "الدولة اليهودية" باللغة العربية
يُرجى الضغط على الرابط التالي
------------------------------------------------------
والله من وراء القصد
ليست هناك تعليقات