آخر المقالات

تنميط الشخصية اليهودية بين الفن والأدب

عدد مشاهدات الموضوع:


التنميط أحد الأساليب الفنية في وضع سمات ثابتة لشخصيةٍ ما، وخير مثال على ذلك التنميط الهوليودي للشخصية العربية؛ إذ يظهر العربي من خلال أفلامهم صاحب زيٍ خليجي، ويحمل أكياسًا من المال، وخلفه ناقته!، وهذه وسيلة لقولبة العقول، ونشر صورةٍ ثابتةٍ في الأذهان حول شخصٍ ما، وقد أخذ اليهود حظهم من هذه السمة، لعلك شاهدت الأفلام ذات الطابع المخابراتي مثل أفلام الجاسوسية وغيرها؛ والتي يظهر فيها اليهودي بسماتٍ واحدة، مجرد ما يراها المشاهد يعلم أنه الآن يرى الموساد، ورجالات أجهزة الأمن الإسرائيلية!


الشخصية اليهودية في الأدب


تناول الأدب الإنجليزي بصورةٍ خاصة الشخصية اليهودية بصورٍ متشابهة؛ إذ إن اليهودي في أدب شكسبير هو ذلك البخيل المخادع، فمسرحية (تاجر البندقية) تناولت اليهودي الذي ظهر باسم (شيلوك) وكان من علامات الدناءة والخسة في هذه المسرحية؛ إذ تعرضت المسرحية لمقارنةٍ بين الشخصية المسيحية الطاهرة، والشخصية اليهودية الخبيثة؛ فصور شكسبير شخصية شيلوك بالمرابي الحاقد؛ الذي لا يعطي قيمةً للأخلاق، ولا يعرف معنى الإنسانية، شيلوك شخصيةٌ شيطانية كما صورها شكسبير بقلمه؛ إذ إنه وصلت به الخسة أن أقرض أحد الأمناء بالربا، لكن وضع شرطًا قاسيًا؛ عقابًا لتأخير السداد، وهو قطع رطلٍ من لحم صاحب الدين، وتتوالى الأحداث وكلها تؤكد على صفات الشر التي تجمعت في اليهودي.


إنْ كان شكسبير قد شكل الجانب المسرحي؛ فالرواية كان لها نصيبٌ لا بأس به؛ فالكاتب المعروف (تشارلز ديكنز) في رائعته (أوليفر تويست) جسد بريشته شخصية (فاجن) ذلك المسن ذو الشعر الأحمر، صب عليه ديكنز ألوان الشر وانعدام الضمير، ففاجن بخيلٌ يقوم بتدريب الصبية لسرقة الأبرياء، ويجني المال من وراء ذلك، ومن خلال تتبع الأحداث تجد أنك أمام جلادٍ يجلد مجرمًا لكن بالقلم وليس السوط!؛ فالروائي الكبير جعل من اليهودي في روايته عنصر الشيطانية والشر؛ حتى جعل القارئ يتفق معه في الرأي ويكره ذلك اليهودي.
أخذت الشخصية اليهودية نمطًا سيئًا في هذه الفترة الزمنية، وكان المفكرون يصبون غضبهم على هذه الفئة، ولم يقتصر الأمر على الأدب بل في الواقع نفسه كانت هذه الشخصية محل سخرية، وهدف جيد للكراهية والتنمر، ولعل أفعال الشخصية اليهودية حينها كان دافعًا كافيًا لهذه الموجات الساخطة.

الشخصية اليهودية في الفن العربي


أحيانًا يصبح الفنُ سلاحًا فعالًا ضد الهجمات الثقافية، لكن التنميط أخذ منحىً مختلف؛ فالفن العربي بصورة عامة والمصري بصورةٍ خاصة اعتمد على تنميط شكلي، وليس تنميطًا من ناحية الأخلاق والأفعال؛ فاليهودي في الأفلام المصرية شخصٌ يرتدي نظارة، ويضعها على أرنبة أنفه، ويتحدث بصوتٍ مضحك، وأصبحت النظارة والأنف المدبب صفتين متلازمتين للشخصية اليهودية في الفن المصري، وحبذا لو أن ذلك اليهودي سمين!؛ فقد لوحظ في عدد من الأفلام اختيار أشخاص ظهرت السمنة عليهم ليلعبوا دور اليهود، فلم يختلف التنميط المصري عن تنميط هوليود للشخصية العربية.
الحقيقة أن اليهود بشر ، منهم الشخص الدَّيِّن ومنهم العلماني، منهم الذي يظهر عليه السمت الديني الكامل، ومنهم الوسطي في سمته، ومنهم الذي تخلى عن السمت الظاهر بالكلية، لا نختلف على نياتهم الخبيثة، لكن الفكر لا يغير من طول أنف صاحبه، ولا يجعله يرتدي نظارة ويؤثر على حدة بصره، وكذلك لا يجعل منه سمينًا؛ فالتنميط أحيانًا يخرج من إطاره التقريبي إلى إطارٍ سخيف يدعو للضحك والسخرية، والتقليل من القضية التي يتم تناولها؛ لذلك فالعلم والحجة خيرُ أدواتٍ لتناول أي شخصية، والغوص في أفكارها، شاركونا بآرائكم ومصادركم حول هذا الموضوع.

ليست هناك تعليقات